مدارس الخط العربي
مفهومها .. نشأتها .. نتاجها
تأسست عدة مدارس لفن الخط، كل واحدة منها تميزت بأسلوبها الخاص، مستمدة غناها من الفنون المحلية، وبالتالي ظهرت المدرسة الأندلسية المغربية والإيرانية والعثمانية ، الشيء الذي لم يمنع أيضا البعض منها بأن يتأثر بالأساليب التي ظهرت خلال العصر الذهبي الذي عرفته الحضارة الإسلامية بين القرنين الثاني والسابع الهجري، حيث نبوغ إحدى أكبر المدارس في هذا المجال، وهي مدرسة بغداد. هذه المدرسة تميزت عن سواها بفضل ثلاثة أساتذة عظام أئمة في الخط، اشتغل كل واحد منهم على الحرف كمادة أولية، تاركا فيما بعد بصمته الخالدة سواء في المجال الفني أو الهندسي أو الفلسفي.
أول هؤلاء الأساتذة هو ابن مقلة (272 - 328 هـ )، مهندس الخط العربي، الذي جعل من هذا الفن علما مضبوطا، حيث وضع القواعد الأساسية له، وقاس أبعاده، وأوضاعه. وقد تم تطبيق هذا المبدأ، الذي يعتمد على الجمع بين ما هو جميل ونافع، في جميع الفنون الأخرى. ولقد استفاد ابن مقلة من منصبه كوزير، لإدخال فن الخط على شكل كتابة وزارية في دواوين الدولة. بعد حوالي قرن من الزمن، أعطي بعد جديد للحرف من طرف خطاط كبير آخر من مدرسة بغداد، وهو علي بن هلال البغدادي المعروف ب ابن البواب (ق. 5 هـ)، حيث كان يرى الحرف على هيئة إنسان برأس وجسد و أعضاء. ثم تبعهما فيما بعد أستاذ كبير ثالث، من نفس المدرسة، وهو ياقوت المستعصمي (ق. 7 هـ) الذي أعطى للحرف بعدا روحيا، حتى صار هذا الأخير عبارة عن شكل هندسي حي.
فالمدرسة الخطية هي ابتكار حرف جديد له منهج ورؤية وقواعد يسير عليها الخطاطون . أما نتاج هذه المدارس من الخطوط هو .
المدرسة البغدادية
من ابرز نتاجها
1- خط الإجازة ( التوقيع ) : وضع أساسه يوسف الشجيري في عهد الخليفة العباسي المأمون .
2- خط المحقق : انتشر في عهد الخليفة العباسي المأمون ثم اكتسب مع مرور الزمن بعض النضج , إذ تم تعديله من قبل ابن مقلة وأوصله ابن البواب إلى أعلى درجات النضج .
3- خط النسخ : يعود الفضل إلى ابن مقلة في إبداع ووضع أسس هذا الخط .
4- خط الثلث : يعتبر ابن مقلة واضع قواعد هذا الخط من نقط ومقاييس وإبعاد , وله فضل السبق على غيره .
المدرسة المصرية
من نتاجها
1- الكوفي الفاطمي
2- الكوفي الأيوبي
3- الكوفي المملوكي
المدرسة المغربية
انتشر في المغرب الخط المغربي , وهو مشتق من الخط الكوفي القديم وأقدم النماذج التي وجدت تعود إلى ما قبل الثلاثمائة للهجرة . وكان يسمى بخط القيروان نسبة إلى القيروان عاصمة المغرب بعد الفتح الإسلامي . التي أسست سنة (50 هـ - 670 م) وعند انتقال عاصمة المغرب من القيروان إلى الأندلس ظهر خط جديد اسمه الخط الاندلسي أو الخط القرطبي .
وعد الخط المغربي من أهم الخطوط العربية في المغرب العربي وأقدمها عهدا وأكثرها انتشارا في شمال أفريقيا ويمتاز بجرة قلم أكثر رقة مقارنة بخط النسخ . ووضع نقطة حرف الفاء من تحت ونقطة واحدة لحرف القاف من فوق , كما يمتاز بامتداد نهايات الكؤوس وتحذف اغلب الأحيان نقاط الحروف الواقعة في نهاية الكلمات .
وتولد من الخط المغربي أربعة خطوط وهي الخط التونسي , وهو أكثر شبها بالخط المشرقي ( الكوفي ) إلا انه اتبع الطريقة المغربية في تنقيط الفاء والقاف , والخط الجزائري المتمثل بخطوط وهران وتلمسمان الذي يشبه إلى حد ما الخط المغربي , ويختلف عنه بغلظة زواياه الحادة وصعوبة قراءته أحيانا , والخط الفاسي الذي يتميز بالمبالغة في استدارته وعظم خطوطه العمودية وغياب نقاط الحروف الختامية , أما الخط السوداني . فشكله العام شبيه بالخط الكوفي ولم يلحق به تغيير كبير لقلة استعماله وهو عموما غليظ كثير الزوايا وثقيل .(1)
المدرسة الإيرانية
من نتاجها
1- الكوفي الإيراني وهو ما استخدم في المصاحف السلجوقية في القرنين الخامس والسادس الهجريين .
2- خط التعليق : وضع أصوله وإبعاده الخطاط البارع مير علي التبريزي المتوفى سنة 989 هـ .
المدرسة العثمانية
من ابرز نتاجها
1- الثلث الجلي : قام مصطفى الراقم ( 1758م - 1826م ) احد أهم الأعلام في تاريخ الخط العربي على إبراز هذا الخط جنبا إلى جنب مع خط الثلث . وقد تميز عن سائر الخطوط بإمكانيتهما في تكوين تراكيب وأشكال جميلة وساعد ذلك على ظهور مفهوم اللوحة الخطية وهذا أصعب ما مارسه الخطاط .
2- الديواني : وضع قواعده إبراهيم منيف في عهد السلطان محمد الثاني .
3- الجلي الديواني : أبدعه الخطاط العثماني شهلا باشا نهاية القرن 10 هـ / 16 م وبداية القرن 1هـ / 17 م .
4- خط الرقعة : واضع خط الرقعة ومقاييسه الخطاط أبو بكر ممتاز بن مصطفى أفندي ( ممتاز بك ) في عهد السلطان عبد المجيد 1863 م
أما الأسلوبية
فهي الملكة الفردية والقدرة الإبداعية عند الخطاط .
لكل خطاط أسلوب معين في الكتابة , ولكن يبقى هناك مرجعية مركزية يعود إليها الخطاط وأصبحت هذه المرجعية في تركيا .
كون الخطاطين العظام أمثال الشيخ حمد الله الاماسي والحافظ عثمان وإسماعيل ألزهدي وأخوه مصطفى الراقم وسامي أفندي وشوقي وحليم وحامد . كان كل واحد من هؤلاء ( إماما ) في عصره فعندما يجري احدهم تحسينا على الحروف او على الأسلوب فما يلبث بقية الخطاطين أن يسيروا وفق مستجداته وان كان بعد حين (2)
نأخذ عينة كما في الصورة أدناه لتوضيح ذلك .
إذن خلاصة القول
من الخطأ أن نقول مثلا إن عباس البغدادي ينتسب إلى المدرسة البغدادية وان الخطاط خضير البورسعيدي ينتسب إلى المدرسة المصرية . لان المدرسة الخطية ابتكار لحرف معين وليس انتسابا .
ومن صحيح القول أن تقول أنا اكتب النسخ على أسلوب شوقي أو هاشم .
ومن الخطأ أن تقول إنا اكتب النسخ على المدرسة العثمانية .(المدرسة العثمانية اصح من المدرسة التركية ) .
وعليه لا يمكن أن نقول هناك مدرسة الإمارات للخط العربي بالرغم من وجود عدد كبير من الخطاطين فيها , إلا اللهم إذا قام هؤلاء الخطاطين بابتكار حرف جديد له منهج ورؤية وقواعد يسير عليه الخطاطون . عند ذلك يمكن القول أن هناك مدرسة الإمارات للخط العربي .
أتمنى أن أكون أوضحت ولو بشكل سريع ومختصر .
تحياتي واحترامي
ثائر شاكر الاطرقجي / خطاط وباحث/ بغداد