الخط العربي الآمال والطموح
الانبهار في فن الخط العربي يدعوك إلى الانغماس في بحره الزاخر، حيث يضعك في جو أنيق خلاب لتبدأ اللوحة ترسم نفسها في ذهنك تمهيدا لاحتوائها وبنائها خيالا وتصويرا حتى تكتمل الفكرة، وبعدها يبقى عليك أن تخط واقعها، أولا بإتقان حروفها على القاعدة التقليدية والتي من خلالها يكون ميزان الخطاط بين أقرانه، وكلما كانت لوحته أنيقة موزونة كان لها أثر عميق في النفوس، أما رسم الفكرة يأتي كأنك تغزل قطعة حرير من شرنقة، ولا ننسى حجم معاناة الخطاط في عمل لوحة قد يستمر في تشكيلها أيام متوالية حتى يتم شكلها النهائي.
ولأن الإبداع في الخط العربي يحتاج إلى كثرة التمارين والخبرة الذاتية، وكلما كان التمرين مستمرا يصبح لديك القوة أن تشبك بأكثر الخطوط تعقيدا وصعوبة، وبعد الإلمام الكامل يأتي تشكيل الحروف وتقسيم المساحات حتى يكون للحروف وقعه الخاص وفكرة يراد إيصالها للمتلقي لتخرج في رونق فريد وجميل، وهذا ما نجده في خطوط الثلث والجلي الديواني .
ولا يمكن للعولمة مهما بلغت تقنياتها أن تكون بديلا عن الحرف العربي الأصيل، وعلى الرغم حضور أجهزة الكمبيوتر في الساحة واحتياج كل الطبقات لخدماتها الواسعة، لكنها لم تعطي الحرف خصوصيته التقليدية، ولو كان كذلك لقتل الموهبة وكان مجرفة تتهشم بها كل الآمال بميلاد مواهب جديدة تعشق الحبر والورق وأقلام الكتابة .
ولا يمكن للحداثة أن تسلب روح الحرف أو تهشم أجزاءه، فالحداثة إذا لم يخدمها الحرف العربي بشكله الرمزي الجميل ويؤدي عبرها المضمون يكون الحرف عليها محنة وسيلفظها حتماً ويبقى بشكله الكلاسيكي المعروف بجبروته وقوته .
لذلك كله ادعوا على تخصيص جائزة للإبداع في الخط العربي يشترك فيها كل الفنانين والتشكيليين والخطاطين، عسى أن تخدم فن امتنا الجميل والإسلام في مد الصحوة في أبناء الأمة والاحتفاظ بهذا التراث العظيم وتنميه .
مجلة الصدى – العدد 113- الأحد 27 مايو 2001م